حواديت اطفال قبل النوم – 2 من اروع الحواديت المكتوبة للصغار (لجميع الاعمار)

ما أجمل القصة التي يأخذ الطفل منها العظة والعبرة والدرس القيم والمفيد.. فالأطفال بطبيعة الحال، لا يُحبّون التوجيه المباشر، لذلك الأفضل هو أن يتعلّم الدرس من خلال قصّة مُسلّية ومفيدة، وفي التالي نتناول مجموعة من حواديت الاطفال قبل النوم.

حواديت اطفال قبل النوم – قصة دم البقرة الصفراء

حواديت اطفال بالعامية المصرية مسلية

بعيداً وفي أحد البلاد العربية القديمة، عاش أخوانِ معاً وكانا شابّان، لكن لم يُقدّرِ الله لهما الرزق في بلدهما، فقرّرا السفر لمدينة مجاورة.

أعدّ كلٌّ منها مؤنتهُ وذهبا، وفي طريقهما، قال الأخُ الصغيرُ للكبير : “لنتشارك معاً زاد أحدنا حتّى لا يبقى منه شيء، ثم ننتقل لزاد الآخر”. وابتدءا بمؤنة الكبير أولا.

 وانتهت مؤنة الأخُ الكبير وماؤه، وأثناء سيرهما الطويل، شعر الكبيرُ بالظّمأ، فسأل أخاهُ الصغير أن يُشاركهُ بضع رشفاتٍ من الماء، فأبى وقال : “إنّ ما معي من الماء لا يكفيني !” وانصرف تاركاً أخاهُ الكبير وراءه وحده وهو يتألمُ من شدّة العطش والجوع..

خارت قوى الأخ الكبير فنظر حوله، فإذ بحفرةٍ نزل فيها ليستريح من حرارة شمس الصحراء القاتلة تلك.

وعلى حظّهِ، سلك جنّيان نفس طريقه ورأى الحفرة فجلسا ليستريحا قربها.

فقال الجنّي الأوّل : “كيف تقتلُ وقتك هذه الأيّام ياصديقي ؟”

فأجابهُ الثاني قائلاً : “في مكان كذا، تقبُعُ هنالك كنوزٌ من الذهب والمرجان آتيها كلما شعرتُ بالملل، فأنظرُ إليها فتنشَرحَ صدري، وأنت ياصاحبي، كيف تقتلُ وقتك ؟”.

فردّ الأول قائلاً : “إذا ما أحسستُ بالملل قد تسلّل إليّ، أدخلُ في رأس أي بنتٍ جميلة، فتتحوّل لمجنونةٍ على الفور”.

فسأل الجنّي : “وما هو العلاج ياصديقي ؟!”.

فأجابهُ : “أن يقوم أحدٌ ما برشّ دم بقرةٍ صفراءَ على وجهها، فتعودُ عاقلةً كما كانت !”.

كان الأخُ الأكبرُ قد سمعَ كُلّ كلمةٍ قالاها وهما لا يدريان بوجوده قربهما، وما أن حصل الحنّيان على راحتهما حتّى رحلا بعيداً، وخرج الشابُ من الحفرة فإذ بقافلةٍ قاصدةٍ نفس المدينة، فاصطحبوهُ معهم.

وما أن وطأت قدما الأخِ الأكبر تلك المدينة، حتّى وجد أهلها في حالةٍ من الهرج والمرج، فسأل قائلاً : “ما الأمر ؟ ما بالُ الناسِ هنا؟”.

فأجابهُ أحدهم قائلاً : “يبدوا بأنّك غريبٌ أيّها الشاب ولا تعرفُ شيئاً.. إنّ ابنة أمير المدينة قد أصابها الجنون، ولم يتمكّن أحدٌ من علاجها حتّى الآن !”.

وهنا انتهز الأخُ الأكبر الفرصة، وأتى أمير المدينة وقال له : “مولاي السلطان، يُمكنني بفضل الله أن أكون سبباً في شفاء ابنتك الأميرة”. فردّ السلطانُ عليه مسرعاً : “ياولدي، لقد قمنا بحبسها في غرفتها، ولا يجرُأ أحدٌ أن يقترب منها، حتّى أنّ الطعام لا نُقدّمهُ لها إلّا من خلال الشباك.. ولكن هل تعلم إذ لم يُجدِ علاجك نفعاً، فسأقطعُ رقبتك”..فطلب الأخُ الاكبر 600 جنية وبعض الوقت، ولبّى له السلطان ما أراد. 

أتى الأخُ الأكبرُ السوق وابتاعَ لنفسهِ بعض الملابس وأقام بنُزُل عند أحدهم، وفي اليوم الثاني زار سوق حيوانات المدينة بحثاً عن تلك البقرة الصفراء، ولكن هيهات، لم يجد مطلبهُ أبداً، وظلّ حالهُ هكذا، كُلّ يومٍ يأتي السوق ويبحث ولكن بدون جدوى، ولكن ذات مرةٍ..

وهو خارجٌ من السوق، شاهد صبيّاً صغيراً يُمسكُ ببقرةٍ صفراء ليبيعها، فاشتراها الشابٌّ على الفور وذبحها وأخذ دمها في وعاءٍ وذهب لقصر الملك، وأمر بأن تُفتح غرفة الأميرة له، ففتحها الخدم وولّوا هاربين.

دخلَ الأخُ الأكبر الغرفة بكل جُرأةٍ، وسكب على وجهها ذلك الدم، فأُغشي عليها فورا وسقطت أرضاً، وما أن أفاقت الأميرة من غيبوبتها حتّى أخذتها الخادمات وحمّمنها، وألبسنها أحسن الثياب، وأتت الأميرة أبيها وقبّلت يده، والسلطان سيموتُ من الفرح.

أثنى الأميرُ على الشاب قائلاً له : “أيُّها الشابُّ الغريب، لو وعدت ووفّيت، وشُفيت فلذةُ كبدي، وقد قرّرتُ أن أزوّجك إيّاها”. وتزوجا !.

وانطلق الشاب مع عددٍ من الجمال قاصدين الخزائن التي عرف مكانها من الجنّي، وقام بنقل كلّ شيءٍ من الذهب والياقوت إلى قصره.

تمرُّ الأيام والشهور والأخ الكبير يعيشُ حياةً سعيدةً مع زوجتهِ الأمير، إلى ان حدث أمرٌ غريب.

وذات يومٍ رغب الأميرُ أن يذهب في رحلةِ صيدٍ، فأوكل الى زوج ابنته (الأخ الأكبر) الولاية بدلاً منه. وبينما هو جالسٌ في مجلس الوالي، والناس يأتونهُ من كُلّ حدبٍ وصوب، شاهد أخاهُ من بينهم يرتدي من الثياب ما تمزّق واهترأ، وعرفهُ ما أن رآه، فطلب الحرس وأمر بأخذه للحمام وتجهيز أحسن الثياب له.

وما انهى الحرسُ تجهيز أخوه، حتّى أدخلوهُ عليه، فراح الأخُ الصغيرُ يبكي ويقول : “بعد أن افترقنا في تلك الصحراء ذلك اليوم، وحالي تبدّلت وأصابني الفقر والإعياء، وأنا اتنقّلُ من مدينةٍ لأُخرى من يومها حتّى وصل بي الحالُ لهذه المدينة، فوجدتُك “واليها” وأنا من كان يظنُّك ميتا، فما الذي حدث معك ؟”.

فقصّ الكبير على الصغير كلّ ما مرّ به وقال : “الحمدُلله، فقد رزقني الله خزائن من المال لا تنفد، فابق معي يا أخي نتشارك حكم هذه المدينة”.

إقرأ أيضــاً :-

5 قصص اطفال قبل النوم باللغة العامية (حكايات بالعامية المصرية جديدة)

قصص جميلة جدا للاطفال وجديدة – قصة الأعرابيّ الفقير والكنز ?

فردّ الأخ الأصغر بغضبٍ قائلاً : “ما أوصلك لهذا الحال هي تلك الحفرة، وأنا أعرفُها كما أعرفُك، وسآتيها اليوم وأكونُ أفضل منك، ولا أُريدُ منك شيئاً”.

بذلَ الأخُ الأكبر جهداً كبيراً في منع أخيه من أن يأتي تلك الحفرة، ولكنّ أعماهُ طمعه وحملهُ على الذهاب لتلك الحفرة والجلوس بها.

وما أن وصل الأخ الاصغرُ الحفرة واستقرّ فيها، حتّى أتى الجنّيان، فسأل الأول : “في أي شيءٍ تقضي وقتك هذه الأيام ياصاحبي ؟!”.

فردّ الجنّي الثاني : “لا أدري مالذي حدث ! ولكن اختفت الخزائن التي حدّثتُك عنها”.

فتنهّد الجنّي الأول وقال : “وأنا مثلك، فلقد عُرف سرّي”.

فردّ الأول : “ياصاحبي، لا يوجد غيره، لا بُدّ من أنّهُ ابنُ آدم، قد اطّلع على أسرارنا”

لم يُكمل الجنّي كلامه حتّى سمعا صوتاً يخرُجُ من الحفرة، فاقتربا منها بسرعة البرق، فوجدا فيها الأخُ الأصغر، فانقضّا عليه دون سابق انذارٍ وقتلاه. وهذه يا أصدقائي الصغار هي نهاية الطمع والطمّاعين.

قصة جميلة للاطفال قبل النوم – قصة الامير بهلول ?

قصص قصيرة للاطفال مكتوبة – قصة صياد السمك ?

حواديت أطفال مكتوبة – قصة غدر أبـو قير من كتاب الف ليلة وليلة

حواديت اطفال قبل النوم

“الاسكندرية” نعم “الاسكندرية”.. عروس البحر الابيض المتوسط، وفي “أبو قير” بالتحديد حدثت قصتُنا، ولكنّها حدثت منذُ زمنٍ بعيدٍ جداً.

كان يعيشُ بالإسكندرية رجلٌ اسمهُ “أبو قير” وكان يعملُ صبّاغاً وكان مُحترفاً جداًَ في عمله، حيثُ كان ابو قير يحترف صباغة القماش بشتّى الألوان الزاهية والجميلة، بيد أنّهُ كان كسولاً لا يُحبُّ كثرة العمل.

وكانت مُشكلتهُ بأنّه يعِدُ زبائنه بإنجاز العمل في اليوم الفلاني، ثم لا يفي بوعده، ويأتي بحُجَجٍ باليةٍ لا تُقنعُهُم مثل “آسف، كنت مريضاً.. أو لقد كنتُ مشغولاً كثيراً الأيّام الماضية..” وهكذا كان حاله من جميع زبائنه .

لم تمضِ فترةٌ طويلة، حتّى بدأت شُهرة “أبو قير” في الاسكندرية بالتلاشي رويداً رويدا.. وساءت سُمعتهُ بين الناس بأنّهُ صبّاغٌ مُهملٌ وكسولٌ ولا يُحبُّ من هذه الدنيا إلّا أن يملأ بطنهُ الكبير.. فاختفى زبائنهُ وكسد عمله. 

وذات مساءٍ، طُرِقَ بابُ دُكّانِ أبي قيرٍ من قبلِ رجلٍ يبدوا بأنّهُ كان غريباً عن “الاسكندرية” ولا يعرفُ شيئاً عن سمعتهِ السيّئة، فأعطاهُ الرجل قطعةَ قماشِ من الحرير وطلب صباغتها باللون الازرق الفاتح، وكالعادة، فقد ألقى أبو قيرٍ بوعوده بأنّ صباغتها ستنتهي بعد أربعة أيامٍ من اليوم، وأخذ الأجرة من الرجل مُقدّماً.

وبعد الأربعة أيّام.. أتى الرجلُ ليتسلّم قطعة القماش، وما أن أحسّ أبو قيرٍ بقدومه، حتى اختبىء على الفور بدكان جاره، وكان هذا هو حال ابو قيرٍ مع جميع زبائنه، وظلّ الرجلُ صاحب قطعة القماش الحريرية يتردّدُ على دكان أبو قيرٍ ولكن يجدهُ خالياً، حتّى صادفهُ ذات مرّةٍ فعاتبهُ وتخاصم الرجلانِ وتشاجرا.

وما أن أحسّ صاحبُ قطعة القماش باليأسِ من أبي قير، حتّى أتى قاضي المدينة وشكى لهُ صنيعَ أبي قير وكذبهُ وخداعه المستمر له وللكثير من غيره من الزبائن، حيثُ أخذ المال ولم يُنجز العمل حتّى الان.

واضطّر القاضي للحكم على ابي قيرٍ الصبّاع الكذّاب أن يتم زجُّهُ بالسجن لشهرٍ كامل، وأن تُغلق مصبغتهُ أيضاً، ومنعهِ من ممارسة الصباغة الى الأبد، تفادياً من أن يقع الناسُ في كذب ومُماطلة هذا الرجل.

وانقضى الشهرُ وخرجَ أبو قيرٍ من السجن تعيساً مُكتئباً وبدون عملٍ يقتاتُ منه، ويملأ بطنه الكبير.. وفكّر قليلاً ثم زار جارهُ الحلّاق (الرجلُ الذي كان يختبىءُ عنده)، فحكى له بؤسهُ وسوء ما وصل إليه، وكيف أصبح الأمر عسيراً عليه في أن يجد عملاً يقتاتُ منه، وخصيصاً بعد أن انتشرت سيرتهُ السيئة في جميع أرجاء الاسكندرية.

“أبو صير” هو اسمُ الحلاق.. نعم ! لقد كان رجلاً مُهذّباً ذا أخلاقٍ رفيعة وكان طيب القلب، فأشفق على جاره القديم واحتضنهُ في بيته، حتّى أنّه كان يُقاسمه فيما يجنيهِ من الحلاقة كلّ يوم.

وذات ليلةٍ وبينما الجاران جالسان سويا، إذ بأبي قيرٍ يقول لأبي صير : “كم أنا بائسٌ ياصديقي، لقد وصلتُ للقاع تقريباً، رغم أنّي أمهرُ صبّاغٍ في الإسكندرية كلّها، وأبرعُ في مزج الألوان وأتقن الصباغة، فأنا من يأخذُ الثياب باليةً باهتة اللون، فأجعلها زاهيةً برّاقةً كما لو كانت جديدة”.

وأكمل “أبو قير” حديثهُ قائلاً : “وانت يا صاحبي ! شأنُك لا يقلُّ بُئساً عن شأني، فأنت كما نعلمُ جميعاً حلّاقٌ ماهر وذا يدٍ خفيفة ورشيقة في الحلاقة، ولكن وآآسفاه، فإنّ زبائنك قليلون جداً، وإذا أكملت حياتك على هذا الوضع، فستمضي فقيراً بلا مالٍ وبلا زوجة… هلمّ بنا نرحلُ عن تلك المدينة الى عالمٍ آخر يُقدّرُ ما لدينا من خبراتٍ ونجني الكثير من المال من قبل زبائن أثرياء يدفعون لقاء ما تقومُ به، ونصيرُ أغنياء سويّاً في وقتٍ وجيز”.

بدأ التفكيرُ يُبحرُ بالحلاق “أبي صير” بعيداً، حتّى اقتنع تماماً بتلك الفكرة، واتّفقا على السفر سويّاً إلى بلادٍ أُخرى، وأن يتقاسما سويّاً ما يجنياهُ من عملهما بصدقٍ وأمانة.

وأخبرهما أحدُ الأصدقاء بأنّ سفينةً ضخمة ستُغادرُ ميناء الاسكندرية قبل بزوغ الفجر، وستنتقلُ إلى بلادٍ بعيدةٍ جداً.

وأخيراً ركب الصديقان “أبو قير” ومعهُ “أبو صير” على ظهر السفينة، واندهش الصديقان من عدد الناس الكبير على متن تلك الباخرةِ الضخمة، بعضهم ممن يُسافرون للتاجرة وجلب أغرب البضائع والسلع، والبعض الآخر كانوا عُمّالاً يتنقّلون في البحر وعلى شواطيء المدن بحثاً عن عمل، وأمّا الفريقُ الآخر، فكانوا ممن يُسافرون لتمضية الوقت ولمُشاهدة جمال البلاد التي تصلها السفينة.

لم يمضِ الكثيرُ من الوقت حتّى تعرّف جميعُ من كانوا على ظهر السفينة بالحلّاقِ أبي صير، إذ وجدوهُ طيب القلب سمح الخلق ورضيّ النفس، فأكرموه كثيراً، وانهالوا عليه يقُصّون شعرهم وأكثروا له العطيّة.

وانطلقت السفينة من الاسكندرية وهي تحملُ على ظهرها الصديقان، وتنتقلُ بهما من ميناءٍ لآخر، فينزل بعضُ الرُكّاب ويصعدُ آخرين، والحلّاق “أبو صير” في قمّة النشاط وهو يعملُ بجدٍ في حلاقة شعر من يركب دون كللٍ أو ملل..

قصص اطفال جميلة ومكتوبة قبل النوم – قصة سدّ سـبأ العظيم للصغار ?

قصة قصيرة قبل النوم للأطفال – حكاية إنما المؤمنون إخوة ?

ولأنّ الصبّاغ “أبو قير” كان آكولاً يُحبُّ الطعام، فعمد الحلاق ابي صير بأنّ يأخذ أُجرتهُ من الرُكّاب طعاماً، لتناول صديقهُ من الطعامِ ما لذّ وطاب.

وكُلّما تناول “أبو قير” طعامهُ، يلتفتُ لصاحبه الحلّاق ويقول : “لكم أحمدُ الله على أن وهبني صديقاً مثلك، وأتمنى أن أمُدّ لك يد العون متى احتجتها منّي حينما أجد ما يُكسبني مالاً”. وطار الخبرُ للربّان عن مهارة ذلك الحلاق، فطلبهُ ليقُصّ له شعره، ولبّى أبو صيرٍ طلب الربّان وأُعجب الربان بمهارتهِ وخفّةِ يده، وأمرهُ أن يأتيهِ كُلّ يومٍ ليحلق له شاربه ورأسهُ، وأغدق عليه من الطعام والحلوى ما يُشبعُ به معدةِ صديقهِ الآكول الشره.

وأمّا ذلك الآكولُ “أبو قير” فلقد  كان يلتهمُ كُلّ الطعام تقريباً الذي كان يجنيه صاحبه الحلّاق.. إن هي إلّا لُقيماتٌ قليلةٌ من الخبز كان يتركها للحلّاق، وكان الحلاقُ أبو صيرٍ صبوراً يأكل برضاً وقناعة، ولا يتأفّف ولا يتذمّرُ حتّى.

وأخيراً وبعد أسابيعَ من الإبحار، وصلت السفينةُ إلى نهاية الرحلة، و ألقت بمراسيها في ميناء تلك البلد، وهناك التفت الربانُ قائلاً لأبي صير: “ما رأيك يا أبا صيرٍ أن تظلّ معنا، وتنتقلُ معنا من بلدٍ لآخر، فتُشاهد جمالَ هذا العالم وعجائبه، وتُمارس مهنتك بين رُكّاب السفينة، فتقُصّ شعرهم وتحلق شواربهم، وهكذا تكسبُ قوت يومك”.

ردّ “أبو صير” على الربّان قائلاً : “جزاك الله خيراً على دعوتك سيدي الربان.. ولكن لا يُمكنني أن أخلف الوعد الذي قطعتهُ مع صديقي ابي قير على أن نسير في هذا الطريق سويّاً وأن نتقاسم كل ما نكسب سويّاً، فلا يُمكنني تركهُ في بلادٍ لا يعرفهُ فيها أحد ولا يعرف هو فيها أحد !”.

فالتفت ربّان السفينة حوله، ونظر إلى أبي صيرٍ نظرةَ النّاصحِ قائلاً : “يا أبا صير، أنت رحلٌ طّيب، وصاحبك لا يبدوا عليه بأنّه يُريد عملاً حقيقياً يجني من وراءه رزقه، فهو يعتمدُ عليك تماماً، وقد تكيّف على حياة الكسل والإعتماد عليك، وإنّي أخشى أن أقول لك بأنّ تلك الصفات ليست صفات الصديق الشريف، وسيكونُ من الأفضل أن تتركهُ عند هذا الحد أو تجعلهُ يعمل على الأقل.. وعلى كل حال، فإنّ هذا الأمر يعودُ إليك.. أتمنّى لك حياةً سعيدة..إلى اللقاء”.

ودّعَ أبو صير ربّان السفينة مُتمنّياً له رحلةً سعيدة وسفراً هادئاً.. ثم حمل أمتعتهُ ونزل من على السفينة وخلفهُ صديقهُ أبو قير، وبعد بضع ساعاتٍ من التجوال بين طرقات المدينة الجديدة، وبعد أن تعرّفا بأشهر معالمها وأحيائها، قام أبو صير باستئجار غرفةٍ أقام فيها هو وصاحبه.

قصص اطفال قصيرة قبل النوم – حدوتة أكرم الرجال ?

وفي الصباح الباكر من اليوم التالي، حمل أبو صيرٍ أدواته وقصد سوق المدينة، واتّخذ مكاناً فيه وبدأ بمُمارسة مهنته.. وفي نهاية اليوم عاد صديقنا “أبو صير” للغرفة حاملاً معهُ الكثير من الطعام والفواكه، فملأ صاحبهُ أبو قير معدتهُ تماماً ولم يدع لأبي صير إلا قليل القليل..واستمر الوضع على هذا الحال..

أبو صير – الرجلُ الطيب – يذهب من الصباح الباكر لسوق المدينة ويعمل بجدٍ دون توقّف، ويعودُ مُحمّلاً بالطعام والشراب.. وأبو قيرٍ يمضي وقتهُ متكاسلاً، ومُمدّداً هنا وهناك، ثم يُشارك أبي صير في رزقه.

واستمر الحالُ هكذا لعدّةِ أسابيع، حتّى أصاب أبي صيرٍ المسكين التعب والإعياء بسبب العمل المتواصل والمُجهِد.. وللأسفِ الشديد، ففي أحد الأيام، لم يتمكّن “أبو صير” من ترك الفراش من شدّة ما أصابه من ارتفاعٍ في درجة الحرارة والألم الذي أصاب جميع عظامه..

ماذا كنت لتفعل يا صديقي الصغير لو كنت مكان أبي قير.. طبعاً، كنت ستُساعد صديقك وتعمل من أجله إلى أن يُشفى.. ولكن “أبو قير” للأسف لم يكن هكذا.. فبدلاً من ذلك قام بخداع صاحبه “أبي صير” وسرق كيس نقوده زعماً بأنّهُ سيذهب لجلب الطبيب وإحضار الطعام.

خرج أبو قير من الغرفة تاركاً أبو صير يلتهب جسدهُ من شدّة الحرار وهو يتجوّل في طرقات المدينة وأسواقها.. غير أنّهُ كان يُراقب الناس، فانتبهَ إلى أنّ النّاس جميعاً لا يلبسون من الثياب إلّا الأبيضَ والاسود، فسأل أحدهم قائلاً : “أيّها الرجل، ما بالكم لا ترتدون سوى الأبيض والأسود ؟!”.

فأجابهُ الرجلُ قائلاً : “إنّ المدينة تفتقرُ لصبّاغٍ ماهر يحترفُ تلوين الملابس وسائر الأقمشة بالألوان الزاهية الجميلة !”.

وانتهزَ أبو قيرٍ الفرصةَ وقصد قصر الوالي وطلب أن يراهُ لأمرٍ طاريء، ودخلَ وروى للسلطان قصته، وأنّهُ رجلٌ غريبٌ أتى من الاسكندرية، وأخبر السلطان بأنّهُ صبّاغ ماهر يحترف صباغة الأقمشة الصوفية والقطنية والحريرية، فيجعل منها الأخضر والأزرق والأحمر وغيره كما يرغب صاحبها.. وأنّهُ جاهز تماماً لمُزاولة مهنتهِ في هذه المدينة لإضافة طابع مختلف على ملابس سُكّانها.

رأى “الوالي” بأنّ ذلك سيكونُ في مصلحة مدينته، فأمر على الفور بإنشاء مصبغةٍ ضخمة، وأمر كذلك بتوفير جميع الأدوات اللازمة لأبي قير وأن يعمل عنده عددٌ من العمّال.

وتهافت الناسُ على المصبغة.. فما أن يسمع أحدهم بأنّ مصبغةً جديدةً تم إنشاؤها في المدينة حتّى يأتي ليراها.. وأقبل الكثير من الناس يطلبون صباغة أقمشتهم بالألوان الفاقعة و الزاهية الجميلة.

لم يمضِ أُسبوعين، حتّى بدأت شوارعُ المدينة تتلألأُ بثياب الشباب الملوّنة الجميلة.. وبتلك الطريقة، أصاب أبو قيرٍ الغنى بسبب تلك المصبغة الجديدة، أمّا المسكينُ “أبو صير” الرجل الطيب فلم يدرِ أحدٌ بحالهِ ولا بمرضه، إلى أن سمع أحدُ الجيرانِ أنينه..

وهنا اضطّر جارهُ لدخول البيت بدون إذن.. فلمّا رآهُ على هذه الحال، هرول مُسرعاً لإحضار الطبيب، فعالجهُ ووصف لهُ الدواء، فاشتراهُ له جاره الطيبُ هذا.

لم يترك الجار “أبا صيرٍ” لحظةً واحدة، ولازمه في تحضير دواءه في مواعيده المحددة، غير أنّهُ كان يشتري الحاجيات الأساسية له ويُحضّر له الطعام خلال فترة علاجه.

وظلّ “أبو صيرٍ” على مرضه هذا أسابيع عديدة ولم يتماثل للشفاء طوال تلك المدة.. ومع ذلك فإنّ أبا صيرٍ ظلّ يظُنُّ بأنّ رفيقهُ أبا قير قد أخذ مالهُ ليشتري له الطعام وحدث لهُ مكروهٌ منعَهُ من العودة.

والحمد لله.. فبعد ثلاث أسابيع من مرضه، خرج من غرفته وانطلق للمدينة بحثاً عن صاحبه، ويبحث له عن عملٍ آخر يوفر له قوت يومه.

وأثناء تنقّله بين الأزقّة، إذ بهِ أمام تجمّعٍ من الناس، فأخذهُ الفضولُ ليعرف سبب تجمّع الناس، وعلى الفور، عرف أبو صيرٍ بأنّهُ يقفُ أمام مصبغة صديقه القديم أبي قير، وأنّهُ أصبح من أثرياء المدينة، وأنّ كُلّ هؤلاء الناس هم زبائن يرغبون بتلوين ثيابهم بالألوان البراقة الجميلة.

فأخذ أبو صيرٍ الفضول ليدخلَ ويسأل صديقهُ عن أحواله وكيف تمكّن في تلك الفترة البسيطة أن يصل لذلك النجاح.

أخذ أبو صيرٍ نظرةً سريعة داخل المصبغة، فرأى العجب العُجاب.. شيئاً لم يتوقعه، فلقد شاهد أبا قيرٍ مُتّكئاً على منصةٍ عالية، ومُستنداً على الوسائد الحريرية، ويُحيطهُ الخدم من هنا وهناك، غير الأوامر التي يُلقيها على هذا وذاك.

إن هي إلّا بضعُ خطواتٍ قد أخذها “أبو صير” تجاهَ المصبغة، حتّى أشار “أبو قيرٍ” لأحد الخدم بأن يقبض عليه ويجلدهُ مئة جلدةٍ، وبعدها يرميه أرضاً.

وبصبرٍ، تلقّى أبو صيرٍ الجلدات، وما أن انتهى منه الخادم، حتّى ألقاهُ أرضاً خارج المصبغة.

ولكن، ما الذي قام به “أبو صير” بعد ذلك؟ وهل سيبقى “أبو قيرٍ” ناجحاً في عمله؟

لا.. لا أعتقدُ ذلك، لابُدّ من أن ينتصر الوفيّ على الخائن، ولا بُدّ من أن يظفرَ الرجُل النشيط على الكسول.. ولكن كيف سيلقى كُلٌّ منهما مصيره، وكيف سيلقى كل منها ثمرة عمله.

قصص اطفال رائعة قصيرة جدا – حكاية كل درهم بعشرة ?

قصص اطفال جميلة قبل النوم – 3 من اروع القصص الجميلة للصغار ?