في الثلاث قصص للاطفال الجميلة التالية، سيتعرّف الطفل على مجموعة قصصٍ من الماضي الجميل، وستدور في رأسه الكثير من الأسئلة، ستجدون إجابتها بين طيّات تلك القصص ان شاءالله..استمتعوا.
قصص اطفال جميلة ومكتوبة قبل النوم – قصة سدّ سـبأ العظيم ?
في بلاد “اليمن” وفي زمنٍ بعيدٍ تواجد ملكٌ قويٌّ اسمهُ “يَعرُب بنُ قحطان”، وبذكاء وقوة ذلك الملك وبقيادته وخبرته الاستثنائية، فقد تمكّن من التغلُّب على جميع أعدائه ويحكم البلاد لفترة كبيرة من الزمن، وكان للملك “يعرب” مجموعة من الإخوة وعدد كبير من الأبناء قد ألقى جزءاً كبيراً من الحِملِ عليهم في تيسير أمور المملكة وتوسيع بقعة حكمهم.
ومات الملكُ العظيمُ “يعرب” وخلفهُ مباشرةً ابنهُ “يشجب”، ولقد كان ملكاً عادلاً كوالده تماماً، وله قصرٌ كبيرٌ بُني فوق تلٍ عالٍ وزُيّن بأفخم النقوش الهندسة في ذلك الزمن، وكان للملك “يشجب” ولدٌ ذكيٌ اسمهُ “سبأ”.
كان “سبأ” يُشبهُ أباه في تماماً في الأخلاق الرفيعة وحبّه الشديد لشعبه، ولكن على الصعيد الآخر، فقد كان “سبأ” يبغضُ وبشدّةٍ تلك الحفلات والاجتماعات الصاخبة والتي كانت تتكرّرُ باستمرارٍ في قصر الملك الوالد..
ولذلك كان “سبأ” يقضي أغلب وقتهِ في حقول الياسمين والبساتين مع العمّال والفلاحين، وكان دائماً ما يُشارك “سبأ” حياتهم البسيطة تلك، ويستمع لمعاناتهم، ويُفكّرُ في حلولٍ لمشاكلهم.
ولكن ذلك الأمر لم يُرح الملك وخاف جداً على مُستقبل ابنه، فكذلك همُ الآباء، لا شيء في حياتهم أكثر أهميةً من مُستقبل أولادهم. لذلك قرّر الملك مُفاتحة ابنه “سبأ” في الأمر لعلّهُ يصلُ لحلٍ معه..
فقال الملك له : “يا سبأ، يابني ! إن إهمالك وغيابك الكثير عن ما نعقدهُ من اجتماعاتٍ في القصر يُضيّعُ عليك فرصة الإحتكاك بقادات الجيش واكتساب الحنكةِ منهم، فتكون في المستقبل غير قادرٍ على إدارة شؤؤن المملكة”.
فردّ “سبأ” قائلاً : “معك كُلّ الحقِ يا أبتي، فالإنسانُ منّا بحاجةٍ مآسةٍ لاكتساب الخبرة، ولكن يجبُ أن يتم اكتسابها عمليّاً، وأرى بأنّهُ أفضلُ لي أن أختلط وأعيش مع الشعب لأتعرّف على كُلّ ما ينقصهُ ويُنغّصُ عليه عيشه”.
فاستبشر الملكُ خيراً لولده وأُعجب بكلامه ودعا له بالتوفيق، وتركه وعاد لقصره.
وبعد مرور عام.. خرج سبأ من القصر متّجهاً للمراعي الواسعة وهو مُنغمسٌ في التفكير : كيف أتمكّنُ من أن أُوفّر الماء للمملكة حينما تتوقّفُ الأمطار ويأتي الصيف.
وعلى قمّة أحد الجبال، وقف “سبأ” يتأمّلُ قليلاً في أحد الجداول الصغيرة ومياهُهُ تنسابُ لأعماق ذلك الوادي، وقال في نفسه : “أمّا إن تلك القطرات الصغيرة حين تتجمّع، تُشكّل سيولاً كبيرة، فأنّى يُمكن تخزين تلك المياه، لنستعملها وقت الحاجة ؟!”.
وقرّر “سبأ” أن يقوم بتجربةٍ صغيرة، فنزل على الفور من على الجبل لذلك الجدول وأخذ قليلاً من الصخر الصغير والطين وهو يردم مجرى الجدول، فلاحظ تجمّع المياه للحظات، قبل أن يُجرف الجدارُ الصغير بعيداً وتُتابع المياهُ سيرها.
وبعد بُرهةٍ من تكرار الأمر، استراح “سبأ” قليلاً في ظلّ أحد الشُجيرات القريبة منه، وبدأ بالتفكير للوصول لحلٍ لتلك المُشكلة.. ولم تمضِ لحظاتٌ على هذا الحال، حتّى لاحظ “سبأ” طائراً صغيراً يُحلّقُ في سماء المملكة وهو يحمل في منقاره قشّةً صغيرة، ثم وقف بأعلى الشجرة التي كان “سبأ” يستريحُ تحتها.
ويقوم الطائر بوضع تلك القشة بين أغصان تلك الشجيرة، ثم تعودُ لتطيرَ من جديدٍ ثم تعودُ وهي تحملُ معها قشّةً أُخرى تضعها بجوار الأُولى، واستمر الطائرُ هكذا دون تعبٍ وملل طوال النهار..
فقال “سبأ” في نفسه : “إن كان هذا الطير الضعيف يتمكّنُ بفضل صبره الشديد وحكمتهِ أن يصل لهدفه ويُحقّق مُبتغاه، فكيف لا أتمكّنُ أنا وشعبي العظيم كلّه من أن نبني سدّاً ضخماً يُخزّنُ لنا مياه الأمطار والجداول ؟!”.
ومضى “سبأُ” عائداً للقصر من جديدٍ وأخذ يُوضّحُ لوالده الملك “يشجب” تلك الفكرة، ولكن كعادة الملوك، لم يُلقِ الملكُ الأبُ أي اهتمامٍ لكلامِ ابنه لإنشغالهِ الدائم بأمورٍ أُخرى، وهو ما أصاب “سبأ” باليأسِ وقرّر التخلّي عن المشروع، ولكن على الفور، تذكّر ذلك الطائر وكفاحهُ مع بناء عُشّه، فلم ييأس، ومضى في يومهِ إلى المُهندس البابلي المشهور “حبيب” وأخذ يوضّحُ له فكرة مشروعه.
أمّا المهندسُ “حبيب” فكان رجلاً نشيطاً وأُسطورةً في فنّ العمارة آنذلك، وكان يُولي اهتماماً لأيةِ فكرةٍ تُعرضُ عليه، ولهذا فقد ترك بابل وخرج منها مع “سبأ” لبلاد “اليمن”، وأخذه “سبأ” إلى المكان الذي يطمح إقامة السد عليه.
وبدأ “حبيب” هناك بحساب عدد العمّال الذين سيحتاجهم لبناء السد، وكميّة الماء التي يستطيعُ السد تخزينها، وبدأ برسم الأنفاق التي والطرق الأرضية التي ستنقل المياه من هنا إلى المملكة وإلى أراضي المزارعين والحقول..
وما أن انتهي المهندسُ البابليُّ “حبيب” من القيام بحساباته، صرخ بصوتٍ عالٍ : “ياللهول ! كيف لم أنتبه لأمرٍ كهذا ؟!” ثم نظرَ إلى “سبأ” وقال : “مولاي الأمير ! عليك أن تعلم بأنّ إنشاء سدٍّ ها هنا سيكونُ أُعجوبة هذا الزمن.. وأنا يامولاي أطمحُ أن أُبرز عبقريّتي هنا في “أرضِ اليمن” فتُصيبني الشهرة كما أصابتني في بلادي “بابل العظيمة”..!”.
اقرأ أيضــاً :-
6 قصص عالمية عربية للاطفال قبل النوم (قصة فرح والخاتم?- قصة سندريلا?)
قصص قصيرة للاطفال مكتوبة – قصة صياد السمك ?
ويشاءُ الله سبحانهُ وتعالى أن تنحبسَ مياهُ المطرِ في ذاك العام، واستلّ القحطُ سيفه، وجفّت مياهُ الآبار، وهجر الكثيرُ من الناس قُراهم واتّجهوا ناحية الأماكن التي تتجمّعُ فيها المياه في الوديان، وتلك الأثناء، كان المهندس “حبيب” والأميرُ “سبأ” يضعان اللمسات الأخيرة لمُخطّط المشروع الذي سيُغيّرُ مجرى الحياة في المملكة.
وحينها اضطّر الملكُ “يشجب” الاجتماع بوزرائه في قصره ليتدارسوا الأمر فيما بينهم، وليجدوا حلاً سريعاً يحميهم من هذا الجفاف الذي لم يُسبق من قبل، وكان من بين الجالسين في ذلك الاجتماع المهندس البابلي “حبيب” والأميرُ “سبأ” وبحوزتهما خرائط المشروع، وجلسا في صمتٍ وهما يستمعانِ للآراء.
بدأ الاجتماع، وَعَلَى صوتُ بعضهم على بعض، ولم يتمكّن أحدٌ من الجالسين أن يصل بهم لقرارٍ سليمٍ يقبلونهُ جميعاً، فكان من تلك الآراء، أن يتم تهجيرُ المملكةِ كلّها إلى بلادِ ما بين النهرينِ في العراق حيثُ الخير الكثير، ومنهم من ظنّ بأن هجرةً قريبةً من المملكةِ إلى أقرب مكانٍ لتجمّعِ المياه ستكون الحلّ السليم، ومنهم من أدلى بكلامٍ لا تستوعبهُ العقول أبداً..
وحينما احتدم النقاشُ أكثر وبدأ جميعُ الحضور بالصياح، قام “حبيب” وقال : “أيا قوم ! إنّ حلّ تلك المشكلة يكمنُ في تمكّننا من تخزينِ مياه الأمطار الشتوية خلف سدٍ كبير، ثم ما أن يصل الصيف، حتّى نقوم بنقل تلك المياه إلى هنا”.
وما أن وصلت تلك الكلمات لآذان الحضور، حتّى صاحو وعلت أصواتهم : “ليس لدينا وقتٌ للمزاح هنا !”.. ولكن ما استمال الحضور وأرغمهم على الانصات هو هدوءُ “حبيب”، ثم نطق أحد الحاضرين قائلاً : “وكيف لنا أن نجمع تلك المياه وننقلها إلى هنا ؟!”.
أجاب “حبيب” قائلاً : “يكمنُ الجوابُ عند الأمير “سبأ”..!”.
التفت جميعُ الحضورِ للأمير “سبأ”، فبدأ بشرح فكرة السد العظيم، مُستنداً لرسومات المهندس “حبيب” التي سبق وأعدّها من أجل الاجتماع.
التفت جميعُ الحضور لبعضهم، وصوّتوا للفكرة، ثم انتفض المجلسُ مجتمعين بالإتفاق على بناء “سدّ سبأ” في ذاك الوادي الكبير.. وهو نفسهُ السد الذي يُسمّى أيضاً “سدُّ مِأرب”.
وبمُساعدة جميع سُكّانِ المملكة من رجالٍ ونساءٍ وحتّى أطفال، بدأ السدُّ بالإرتفاع شيئاً فشيئاً بعد فترةٍ وجيزةٍ من الشروع فيه.
وصبّ الملكُ “يشجب” كلّ وقته وصرف جميع ما في خزائن المملكة من أجل الاسراع بإقامة السد، وبعد سنين طوال من العمل المُجهد، خرج السدُّ في أبهى حُلّةٍ وأحلى زينة، فكان تُحفة فنيّة وأُعجوبة هندسية لا قرين لها آنذلك.
ويشاء الله أنّه في اليوم الذي تمّ فيه الانتهاء من بناء السد، هطلت الأمطارُ وبدأت تتجمّعُ وراء السد.
وما أن حلّ صيفُ ذلك العام، حتّى بدأت المياهُ بالانسيابِ من الأقنية بجوار السد، لتصل إلى بيوت المزارعين وأراضيهم وجميع من في المملكة، وعمّ الخيرُ على الجميع، وحافظت “اليمن السعيد” على اسمها.
ومضت الأيامُ والشهورُ والسنين، ومات الملكُ “يشجب” والأميرُ “سبأ” والمهندسُ “حبيب”.. ولكن إسمَ “سبأ” ظلّ مُخلّداً ليومِ القيامة، فلدينا سورة في “القرءان الكريم” اسمها “سبأ” حتّى بعدما تهدّم سدّه العظيم.. وهكذا يُخلّد كلّ عملٍ عظيمٍ صاحبه على مرّ الأيّام والعصور.
قصة قصيرة قبل النوم للأطفال – حكاية إنما المؤمنون إخوة ?
حواديت أطفال مكتوبة – قصة غدر أبـو قير من كتاب الف ليلة وليلة
قصة جميلة للاطفال قبل النوم – قصة الامير بهلول ?
في زمنٍ بعيدٍ وفي مملكةٍ قديمةٍ جداً عاش ملكٌ في قصرٍ فاخرٍ بصحبة ابنتهِ الأميرة، والتي كانت فائقة الجمال، فكان شعرها الناعم كالحرير ذهبي اللون، وأمّا عيناها فكانتا زمردتان مُتلئلئتان.. كان جميعُ من في المملكة ينظرون إليها بإعجابٍ شديد، ولكن وللأسف كانت بها صفة بشعة جداً..
كانت الأميرة الجميلة مُعجبةً جداً بنفسها ومغرورة إلى حدٍ كبير، ولا يُعجبها شيءٌ أبداً، ولا يُرضيها أي أحد.
رغب عددٌ من أُمراء الممالك المجاورة الزواج منها، ولكن هيهات !.. فغرورها كان سبباً في رفضهم جميعاً، فللأمير هذا وجهٌ قبيح، ولذاك النبيل أنفٌ ضخم، ولهذا الفارس عينان صغيرتان.. وكان جميع الحضور يضحكون بهستيرية على كلام الأميرة، وما كان من الأمراء والنبلاء إلا الانسحاب بصمتٍ وهم غاضبين.
وأخيراً، تقدّم لخطبتها الأمير “بهلول”.. وكان أميراً فاحش الثراء قوي السلطة، حسن الهيئة، وكان شاباً شُجاعاً، وظنّ بأنّها لن ترفضه.. ولكن كان الرفض هو الرد المُعتاد للأميرة أيضاً مع الأمير “بهلول”، وأدرات له ظهرها وتركته وعادت لغرفتها في موجةٍ من الخجل الشديد أمام جميعِ بلاطِ القصر.
أزعج الملكُ الأبُ هذا التصرف السيء من ابنتهِ التي أحرجت الأمراء وتسبّبت في مشاكل كثيرة من الممالك المجاورة.. ولهذا فلقد قرّر الملكُ أن يُؤدّبها ويُزوّجها بأول متسولٍ يدخلُ القصر.
ولم تمضِ أيامٌ قليلة حتّى وطئت قدما أحد العازفين على القيثارة بلاط القصر، وعزف للملك وحاشيته أروع المعزوفات، وطلب حسنةً من الحضور، وهنا صاح الملكُ طالباً ابنتهُ وقال للعازف المسكين : “أيُّها الشاب ! هذه ابنتي الأميرة أهبك إيّاها زوجةً ورفيقةً لك، احملها معك لبلادك، وارحل هذا المساء دون تأجيل، وابذل معها ما تملك لتتغلّب على غرورها هذا”.
وبهذه الطريقة الحكيمة، غادرت الأميرة قصر والدها، وأُجبرت على اللاحاق بزوجها الى بلاده البعيدة، مشت الأميرة مسافاتٍ طويلة على قدميها، فزوجها العازف كان فقيراً مُعدماً لا يملك أن يشتري لها جوادا تركبه.. تعثّرت وتعثّرت وتمزّق حذائها، ووقعت في كثيرٍ من الحفر، وكان زوجها يأمرها بأن تتحرّك بشكلٍ أسرع..
مرّوا في طريقهم بمراعي خضراء شاسعة، فسألت زوجها قائلةً : “لمن تلك المراعي الكبيرة الغنية ؟”.
فأجابها قائلاً : “إنّ كُلّ ما ترينهُ هنا هو للملك “بهلول”..!”.
سقطت من عينيها دموعُ الحزن والندم حينما سمعت ذلك الكلام من زوجها الفقير، فهي من رفضت ذلك الأمير الغني بحججٍ بالية.
مشى الاثنين أيامٍ وأيامٍ دون توقف، حتّى أنّه كلما حاولت الاميرة ان تتوقف قليلاً كان زوجها يدفعها بيده للأمام قائلاً : “عليكي أن تعلمي بأنّك زوجة عازفٍ فقيرٍ مُعدم.. ويجبُ أن تعتادي هذه المشقّة.. هيا عجّلي .. عجّلي.. لا أتقبلُ الكسولين”.
عانت الاميرةُ المغرورةُ الكثيرَ والكثير.. فقد ضعُفَت قوتها، وتقرّحت رجليها الناعمتين، واختفى وجهها الجميلُ خلف الغبار، ولم تُفارق الدموع عينيها منذُ أن غادرت قصر أبيها.
وفي سيرهما، مرّا بجوار حقولِ قمحٍ كبيرة، فسألت الاميرةُ زوجها عن مالك تلك الحقول، فأجابها : “كما أخبرتُك سابقاً، كُلُّ تلك الحقول هي ملكٌ للملك بهلول”.
بدأت الحسرة تظهرُ على وجه الأميرةِ المسكينة والنّدمُ يُعذّبها بفعلتها بالأمير بهلول، وحدّثت نفسها : “أيُّ ذنبٍ ارتكبت، لو تزوّجتُ ذلك الأمير لكنتُ سيّدةَ هذه الأراضي كلّها !”.
لم يبق مكانٌ لم يمر به العازفُ الفقير هو وزوجته.. حقول .. وغابات.. وأقدامٌ تتخبّطُ بالحجارة وتنزلقُ في الوحول، إلى أن وصلا لمروجٍ خضراء واسعة، ترعى بها الماشية والماعز والبقر وحتّى الغنم، غير الجياد الجميلة التي تجري في الفضاء السحيق في صورةٍ أقربُ للخيال من الحقيقة، فسألت زوجها : “ياتُرى، لمن هذه المروج أيضاً ؟”.
أجابها بنبرة غضبٍ قائلاً : “الأميرُ بهلول، هل فهمتي، كُلّها للأمير بهلول !”
تنفّست الأميرةُ الصُّعَداء وتنهّدت من أعماق أعماق قلبها حسرةً وحُزناً على ما ارتكبتهُ من خطأٍ جسيم، وقالت لزوجها بصوتٍ أصابهُ التعب وحلّ عليه اليأس : “يا ليتني قبلتُ بالأمير بهلول هذا زوجاً لي، لكنتُ الآن في أفخم القصور ولا أعيشُ هذه العيشة !”.
ولم تُكمل كلامها حتّى ارتمت أرضاً من التعب فوق كومة من القش، فجذبها زوجها بقوةٍ من معصمها وهو يقول : “إيّاكِ ثُمّ إياك أن تنطقي اسم هذا الأمير على لسانك مرةً أُخرى.. أنا زوجك الآن وعليك اظهار الاحترامِ لي”.
وأخيراً وبعد مسيرة عشرةِ أيّامٍ بلياليهنّ، وصلا إلى كوخٍ بغابةٍ كثيفة، فضربهُ بقدمهِ فانفتح الباب، ونظر لها، ثم قال : “هيّا ادخلي، هذا بيتنا.. وفيه سنعيش”.
نظرت الأميرةُ للكوخ والدموع تتساقطُ في صمتٍ لم يسبق لهُ مثيل، ودخلت وطلب منها الزوجُ أن تُعدّ طعام العشاء، وكان لابد للأميرة أن تقطع الحطب بعد أن تقوم بجمعهِ من الغآبة، وأشعلت النار وأصابت شُعلة خصلةً من شعرها الذهبي.
وحينما انتهت من إعداد الطعام وقدّمتهُ لزوجها لم يجدهُ جيّداً، بل كان كثير الملح ومحروقاً أيضاً.
بكت الأميرةُ كثيراً في تلك الليلة.. وغلبها النعاس وهي على تلك الحال حتّى أيقظها زوجها في صباح اليوم التالي لتُعدّ له طعام الإفطار، وطلب منها أن تعتني بالبيت في غيابه.. فجهّزت طعام الغداء ونظّفت البيت وغسلت الثياب.
وعاد العازفُ إلى بيته وقد أحضر معهُ الخيوط لتنسُجها زوجته، لكي يبيع منها في السوق ويعيش من ذلك المال، ولكن ما قدّمتهُ الأميرة كان سيئاً جداً ولا يُمكن حتّى بيعه، فوبّخها كثيراً وتركها ورحل..
وفي صباح اليوم التالي، عاد للبيت ومعه مجموعة من الاواني الفخارية، وأمرها أن تأخذها وتذهب بها إلى السوق لتبيعها بنفسها..وبالفعل، كانت تبيع ما معها من الأواني في السوق، ثم تعودُ مُسرعةً لتقوم بأعمال الكوخ.
وفي السوق وذات يومٍ، أقبل أحد الفرسان الملثّمين، وكان مسرعا، فحطّم ما مع الأميرة من أوانٍ فخارية.. فأصابها اليأسُ واضطرت لأن تُضاعف من انتاجيتها، فقام زوجها بإرسالها لتعمل خادمةً في مطبخ قصر الأمير.
قضت الأميرةُ أصعب فترةٍ في ذلك المطبخ، فكانت لا تتوقف عن العمل لأن ولي العهد قد اقترب موعدُ زفافهِ وكان جميعُ من في القصر في حركةٍ مُستمرة ويعلمون بجدٍ ونشاط.
وذات يومٍ، خرجت الأميرةُ لتُشاهد كِبَرَ تلك الحفلة التي ستُقامُ قريباً، ولكنّها تذكّرت قصر أبيها الفخم وندمت كثيراً على أخلاقها السيئة والتكبر والغرور الذي أودى بها لهذا الحال.
وفيما هي على هذا الحال، إذ بولي العهد نفسه يدخل غُرفة المطبخ حيثُ تقف.. وتعرّفت عليه على الفور، إنّه الأمير “بهلول”..وتقدّم الأميرُ منها وأمسك يديها، فخافت الأميرة وحاولت التخلّص منه.
فنظر الأميرُ لها وقال لها بهدوء : “لا تخافي ياعزيزتي ! كلّ ما أردتهُ هو أُحطّم كبريائك وغرورك، أنا هو زوجك عازف القيثارة، وأنا أيضاً الفارس الذي حطّم الأواني في السوق، وما أن أحسستُ بأنّكِ قد تخلّصتِ من هذا الكبرياء، حتّى قرّرتُ أن أحتفل بعُرسنا هذا المساء”.
لم تُصدّق الأميرةُ ما تسمع، وأقسمت للأمير “بهلول” بأنّها شُفيت تماماً من غرورها، وأمر الأمير على الفور بثوبٍ من الحرير مُطرّز بأفخم الجواهر في المملكة، ووضع على شعرها الذهبي تاجا مُرصّعاً بالجواهر الثمينة.
دامت تلك الحفلة الأُسطورية ثلاثة أيامٍ بلياليهنّ، وكان الأمير يُراقب الأميرةَ وهي تُعامل الجميع برفقٍ ولين، وتحوّلت الأميرة إلى جميلةٍ في أخلاقها كما هي جميلةٌ في شكلها.
قصص اطفال قصيرة قبل النوم – حدوتة أكرم الرجال ?
حواديت اطفال قبل النوم – قصة دم البقرة الصفراء ?
قصص جميلة جدا للاطفال وجديدة – قصة الأعرابيّ الفقير والكنز ?
في أحد الخيام المنصوبة في عَرَضِ الصحراءِ القاحلة، عاش أعرابيٌّ فقير يلتقطُ رزقهُ من الأيام القاحلة في صحراءٍ لا تعرفُ سوى الحرّ والعطش والبرد، وبالرغم من المنغّصات الكثيرة تلك، إلّّا أنّ الاعرابي كان سعيداً جداً بتلك الحياة مع زوجةٍ وفيّة، كريمة، ومُهتمّةً به.
وفي أحد الليالي، وبينما كان الأعرابيُّ وزوجتُهُ يتأملان تلك الصحراء وهذه السهول ويُسامرها في الليل الصافي، إذ برجُلين على ظهر جوادٍ قوي يتلمّسانِ الطريق إلى خيمة ذلك الأعرابي الفقير، بواسطة النيران التي كان يُشعلها العربُ عادةً ليهتدي بها الجائعَ والضآل.
استقبل الأعرابيُّ الرجلين أحسن استقبال، وطلب الطعام، إلّا أن زوجتهُ همست في أُذنه بأنه لا توجد سوى الشاة التي يعيشون على لبنها (ومن عادة العرب إكرام الضيف مهما كان !) فأمر الرجلُ زوجتهُ بذبحِ الشاة، إلّا أن ضيفيه قد حاولا منعهُ ولكن هيهات..!
وجهّزت الزوجةُ الطعام وتناولهُ الأعرابيُّ مع ضيفيه، وأمضيا الليل عنده. وفي الصباح التالي، ودّع الأعرابيّّ ضيفيه بعد أن طلبا منه أن يقصدهما في المدينة وبالتحديد في المسجد الجامع.
لم يعرف الأعرابيُّ أن ضيفيه هذين هما “حاكم المدينة” و “القاضي”.. ولم تمضِ أيامٌ قليلة حتّى أتى الأعرابيُّ المدينة وسار للمسجد الجامع فوجد ضيفيه بين المُصلّين يرفعان أيديهما ويُصلّيان.. فحدّث الأعرابيُّ نفسهُُ قائلاً : “ماذا أفعلُ بحقِ الله؟ أألتجىء إلى رجلين يلتجئان الى الله، فوالله لألتجيء إليه فهو وحده الكريم الغني الذي يُعطي بلا سبب”.
وأنهى الرجلُ صلاتهُ وعاد الى خيمتهِ وزوجتهِ والتي أخبرها بما حصل، فسُرّت زوجتهُ بإيمان زوجها وآثرت أن يبقيا على ما هما عليه من الفقر من أن يلتجئا لأحدٍ سوى الله.
وما زاد الأمر صعوبةً عليهم، هي تلك الريح التي هبّت في ليلتها فاقتلعت الخيمةَ من جذورها، فاستيقظ الأعرابي هو وزوجته وظلّ في البرد بانتظار شروق شمس تلك الليلة العصيبة، وما أن حلّ الفجرُ حتّى انطلق الأعرابيّ مع زوجته والخيمةَ معه، حتّى وصلا الى مكانٍ وجدهُ الأعرابيّ آمناً له ولزوجته.
وبدأ الأعرابيُّ في الحفر لتثبيت خيمته، فوجد حبلاً أحمر اللون، فظلّ الأعرابيّ يسحب حتّى خرجت من الرمال في يدهِ جرّة حمراء، وما أن فتح الأعرابي الجرة، حتّى وجد بها كنزاً ثميناً فسُرّ به وقرّر على الفور أن يبني قصراً فخماً في المدينة.. وهذا ما حصل !.
وبين عشيّةٍ وضُحاها، بدأ أهلُ المدينة يرون قصراً يرتفعُ شيئاً فشيئاً، وخرج القصرُ في أجمل حُلّةٍ وأحلى زينة لأنّ الأعرابي قد أنفق عليه المال الكثير، وبات ذاك القصرُ حديثَ كُلّ من في المدينة.
وطار الخبرُ للوالي بأنّ قصراً فخماً قد بُني في ظاهر المدينة، فطلب من أحد الحرّاس أن يعلم لمن هذا القصر، فجاءه الحارس بأنّ هذا القصر هو لأعرابي قد جاء من الصحراء وذلك بأن عثر على كنزٍ بين رمال تلك الصحراء القاحلة وبدّل مرارة حياته لحلاوة ورفاهية.
وعلم الوالي وكذلك القاضي بأنّ هذا القصر للأعرابي الفقير الذي أكرمهما حينما التقيا به في الصحراء بعد أن شاهداهُ في المسجد، ولكن دبّ الحسدُ في القاضي من ذلك الأعرابي وأراد تنغيص عيشه..
قصص اطفال رائعة قصيرة جدا – حكاية كل درهم بعشرة ?
فقال القاضي للوالي : “سيدي الوالي ! إنّ خُلُقَ المرء تتغيّر بعد الغنى، وأتمنى منك ياموالي أن تتبيّن حُسن خُلُق ذلك الأعرابي بعد أن أصبح ثرياً” .. وتابع القاضي الخبيث قائلاً : “ما رأيُك أن نأتي الأعرابيّ هذه الليلة في قصره وتُخبرهُ أنّك رأيت في منامك بأنّك تصرُخ : عو عو عو.. فإذا أخبرك بأنّ ما رأيت في منامك “كلب” اقتصصت منه”.
اقتنع “الوالي” بكلام “القاضي” وذهبا معاً للقاء الأعرابي في قصره، وما كان من الأعرابي إلّا أن استقبلهما استقبال الكريم، ودعاهما لتناول الطعام، فلبّى الوالي طلب الأعرابي.
وأثناء تناولهما الطعام، وجّه “الوالي” كلامهُ للأعرابي قائلاً : “لقد حلُمتُ برجلٍ يصرخُ ويصيحُ : عو عو عو.. فما تفسيرُك لهذا الحلم ؟!”.
فنظرالأعرابيُّ حولهُ ثم أردف قائلاً : “أمّا “عو” الأولى فتعني بأنّه “سبحان من رزق الطيور في الجو”..والثانية تعني “سبحان من أنار للتُّجار الطريق في الليل”.. والثلاثة تعني “لعن الاله جيران السوء”..!”.
استبشر “الوالي” بتفسير الأعرابي وفهم ما رمى إليه “القاضي”.. فعزله “الوالي” وأدنى الأعرابي منه.