قبل عام مضى وقبل بدء الصيف، اشتعلت الحرائق.
قصص قبل النوم للاطفال سن 6 – قصة “حينما بدأت النار”
رأى صديقنا إياد السماء تتحول الى لون الكهرمان الذهبي عند غروب الشمس، بدت الشمسُ مختلفةً ذلك اليوم بسبب الدخان الكثيف..وانطلق طائر الطنّان عبر الصحاري والمنحدرات يُخبر الجميع بأنّ اليوم قد انتهى.
هدأت أبقارُ إياد ورفعت رؤسها خائفةً من القادم القريب..
ولكن في مكانٍ ما فوق المنحدر، بدأ بريقٌ يلوحُ في الأُفق باحثاً عن شيءٍ ما.
وعندما حلّ الظلام، استطاع إياد رؤية ضوءٍ ناعمٍ يُضيء المنحدر كلّه.
كانت هناك رائحة دخان، ناعمة في البداية، ولكن مع ازدياد اقتراب الضوء من إياد، تحوّلت إلى حادّة ولاسعة، تجعلك تشعر كما لو كنت بحاجة لأن تكُح.
أطلق “سبارك” كلبُ إياد نباحاً مخيفاً وهو يضعُ أُذنه على الأرض.0ح-ج
يعلم إياد جيداً بأن الخزّانات كانت جآفّةً تماماً، إذ أنّها لم تُمطر منذُ أشهر طويلة. فإياد يعلمُ جيداً بأنّه يحتاجُ للماء ليُطفيء الحريق، فالنيرانُ تذهبُ بعيداً إذا حضر الماء.
أحضر إياد سيارتهُ من الجراج، وقفز سبارك بجواره تماما في مقدمة السيارة. يبدوا بأنّ إياد سيتّجهُ ناحية المدينة.. وعلى الفور، أطلق إياد صفّارة الانذار بسيارته لأنّه يعلم بأنّ من يسكنون بتلك المنطقة لربّما لم يروا الحريق بعد.
وحيدأً، لا يستطيعُ إياد إطفاء الحريق يا صغيري، ولكن إذا ما اجتمعوا جميعاً، فبالتأكيد سيتمكنون من إخماد تلك النيران.
كان الطريقُ إلى المدينةِ وعراً جداً، كان إياد وكلبه سبارك يقفزان في مقصورة السيارة لأعلى ولأسفل. وفي الطريق، شاهدا حيوان “الكوالا” نزلت لأسفل الشجرة وهي تستنشق الهواء بصعوبة وتبدوا مضطربة.
أخرج الكلب سبارك رأسه من زجاج السيارة وبدأ بالنُّباح، وكأنّه يُخبر الكوالا بما هو قادم. ولكن الكوالا تعرف، فالحيواناتُ تشعر باقتراب الخطر بفطرتها.
وفي المدينة..اجتمع الكثيرُ والكثيرُ من الجيران، وبدؤا باختيار الأشخاص المناسبين لإطفاء ذلك الحريق.
فبعضهم ارتدى ملابس رجال الاطفاء كخدمة تطوعية لإنقاذ المدينة، وانطلقوا بشاحنة نقل كبيرة ناحية الحريق لإخمادها باستخدام خراطيم المياة الكبيرة.. قبل أن يكبر الحريق ويصير من الصعب التغلب عليه.
والبعض الآخر بدأ بنقل الأشخاص الذين كانت منازلهم قريبةً من مكان الحريق إلى أماكن أكثر أمنا.
وبرغم أنّنا كُنّا في منتصف الليل، إلّا أن السماء قد تحوّل لونها إلى الأحمر الداكن، تُشعرك وكأنّك على كوكب المريخ.
وارتدى إياد ملابس رجال الإطفاء وهو في الشاحنة في طريقهم للحريق. كان إياد يعلمُ جيّداً كيف يستخدم خرطوم الإطفاء، ومتّى يُهاجم الحريق ومتى يتراجع لأنّ الحريقَ كان ضخماً جداً..كان يعرفُ جيداً كيف يرتدي زي الاطفاء الثقيل حينما تشتد عليه حرارة النار..وكان الدخانُ يلسعُ العيون والجمرُ الصغيرُ يسبحُ في الهواءِ مثل يرعاتٍ في عاصفةِ رياحٍ قويّة.
“ابقى هنا يا صديقي !” قال إياد لـ سبارك.
ونبح سبارك بصوتٍ عالٍ وهو يضع مخلبه على كتف صديقه..يبدو بأنّه يريد أن يأتي.
وبالفعل، ذهب سبارك برفقة إياد وهم بصُحبة مُحاربي النّار الآخرين في شحانتهم الكبيرة، لقد كانوا مجموعةً من المدرّسين وأصحاب المتاجر والبنّايين وعمّال البساتين.
لم يكن يُهم ما هي وظيفتك، كان الجميعُ يداً واحدةً من أجل ردع هذا الحريق وتلك الألسنة من اللهب وانقاذ المدينة والمنازل والحيوانات وحتّى الأشجار.
وصلت الشاحنة إلى مُقدّمة النيران..والجمر والدخان الأسود الكثيف غطّى الأشجار ولم تعد تُرى في حرارة الحريق..وعلى الفور، قفز إياد وكريم من الشاحنة وبدآ بسحب الخرطوم الثقيل ناحية ألسنة اللهب الحارقة.
لامست النيران الحارقة خدودهم الصغيرة، لقد كانت غاضبةً جداً ومُميتة..وقام الفريق بإطلاق الماء والذي اندفع بقوةٍ ناحية اللهب.
ولكن كانت المياة لا تُقارن بحجم اللهب أمامهم، لقد رأوا بأن الماء يتحوّل إلى بخار ما أن يُلامس النار المُتجهّمة..يبدوا بأنّهم يحتاجون لكمياتٍ من الماء كبيرة لردع تلك الألسنة الغاضبة.
وفجأة ! شاهد إياد صديقه الكلب سبارك وهو ينبح بصوتٍ عالٍ من الشاحنة، وعلى الفور قفز سبارك من مقصورة الشاحنة واتّجه ناحية ألسنة اللهب الحارقة.
“سبارك !” صرخ إياد.
ولكن لم يُجبْهُ سبارك..رأى إياد أعزّ أصدقائهِ وهو يجري نحو الحريق ويختفي داخل العتمة والدخان الأسود الكثيف.
أراد إياد أن يذهبَ وراء صديقه سبارك ولكنّه لم يستطع، كان يجبُ عليه أن يُمسك خرطوم المياة المُوجّه ناحية اللهب..تتساقط الدمعاتُ من عين إياد، ولكن الواجب يُحتّم عليه أن يظلّ مُمسكاً بخرطوم الإطفاء.
ويالها من مُعجزة ! فلم تمضِ دقائق حتّى رأى إياد سبارك يعودُ مرةً أُخرى من بين ألسنة اللهب والدخان الكثيف.
لقد تأذّى سبارك كثيراً..لقد كان يحمل في فمه جرو صغير. لقد تأذّى الإثنين كثيراً بسبب الحريق.
كلاهما كان مُغطّىً بالسواد والدخان. ما فعله سبارك هو أنّه كان يُريد إنقاذ ذلك الجرو الصغير، يبدوا بأنّه قد شاهدهُ من مقصورة الشاحنة.
أخذ أحدُ مُحاربي النّار الشُجعان أحد البطّانيّات ولفّها حول جسد الجرو الصغير.
والآخر أحضر واحدةً أُخرى ولفّها حول سبارك الكلب الشجاع.
وحينما عادوا للمدينة، أُخذ كُلاً من سبارك والجرو الصغير إلى المشفى.. تعافى سبارك تماما وأصبح ذلك الجرو أعزّ أصدقائه..لقد تم إنقاذ الكثير من الحيوانات والأشجار والمنازل ذلك اليوم.
قال البعض بأنّ سبارك كان بطلاً.
والبعض الآخر قال بأنّهم جميعاً كانوا كذلك.